![](http://elmijhar.info/sites/default/files/styles/large/public/field/image/15127512964981130100993.jpg?itok=bTmWLon5)
سرت والظلام على مسافة عشر كليوميتر في ليلة من ليالي رياض نواكشوط ،حتى السيارة عوراء بها مصباح واحد خلفي ، الهدوء يخيم على الساكنة ،لا أصوات ، ولا أضواء ،فقال قائل : الكهرباء صدرت إلى السنغال فرد عليه أحد الركاب : محدن اروغو اطيور الطايرين الروغو ذو النازلين ،بالصدفة حطت بي السيارة عند محطة العرب للبنزين أعلمتني الأعلام التي ترفرف قبالة شارع " الحوات " المحاري أنني وصلت الكلم 8 وليت وجهي شرق المحطة فغشتني مجرة من الأضواء اوجست منها خيفة خلت أنها قطعا من النيازك سقطت على هذه البقعة ،فلما دنوت منها رويدا رويدا سمعت أصواتا مختلطة ،ضحك ، و رقص ، وتصفيق ،وكلاما بعضه ، بلغتي ،وبعضه الآخر كزقزقة العصافير ،انتابني فرح بعد أن اقشعر جسمي وكادت كل شعرة أن تشوك فقلت في نفسي : هؤلاءليسوا من مخلوقات الفضاء ، ولا سكان بواطن الأراضين ،هؤلاء ،هؤلاء من عالمنا !
قربت الساعة من منتصف الليل ،والحركة مشلولة بالصدفة وجدت أحد المارة عرفني قبل أن أعرفه فقلت له ماهذه الضوضاء اليتيمة في هذا الحي وحده والمدينة كلها مدينة أشباح ؟ فقال : هذه مناسبة إجتماعية انقطعت عنها الكهرباء فعوضن عنها النسوة بأضواء الهواتف و الفوانيس اليدوية .
فجأة تداولنا الحديث أمام حانوت فإذا بروائح نتنة ترطب الفضاء فقلت لدليلي ماهذه الروائح ؟ أهي عطور أهل هذه المنطقة ؟ فضحك كثيرا هههه ،ههههه وقال بعسر : تلك بضاعة التاجر عثمان أصابها التلف : المشروبات المحلية الصنع : انبصام/ماء الورد ،وياوورات الوطنية ،وبلبصتيك ...هههه يا إلهي والله الل عطور باريسية صنعتها " شومك " ...
تابعت المسير فإذا بعصابة من قطاع الطرق تترصدني وتقترب مني ولاصوت يعلو فوق أصوات الكلاب قرب مجمع موريتل للإتصالات فرجعت إلى الخلف وعدت مسرعا إلى دليلي و صاحب الحانوت النتن وسط تجمهر أهل الحارة وماهي إلا لحظات حتى عمت الأضواء و استيقظت المدنية بعد إنقطاع دام أكثر من عشر ساعات .